مشاهدات 85
زمن القراءة:1 دقائق

في خطوة لافتة، رشّح حزب “ليغا” (Lega) اليميني الجنرال السابق روبرتو فاناشي (Roberto Vannacci) كمرشح رئيسي في الانتخابات الأوروبية القادمة. هذا الترشيح، الذي جاء بعد صعود نجم فاناشي بفضل كتابه المثير للجدل “العالم بالمقلوب” (Il mondo al contrario) وتصريحاته الاستفزازية، يطرح تساؤلات عميقة حول مسار اليمين الإيطالي ومستقبل العلاقات داخل هذا المعسكر السياسي.

فاناشي، الذي اشتهر بانتقاده اللاذع للنسوية والبيئة والهجرة ومجتمع الميم (LGBT)، وجد في زعيم “ليغا” ماتيو سالفيني (Matteo Salvini) حليفًا يسعى لقيادة الحزب نحو مسار أكثر تطرفًا في مواجهة المنافسة من حزب “إخوة إيطاليا” (Fratelli d’Italia) اليميني. لكن هذا الترشيح لا يخلو من المفارقات، فبينما يحتفي أنصار فاناشي بتصريحاته المثيرة للجدل، يدينها خصومه باعتبارها معادية للمثليين وعنصرية.

إن صعود نجم فاناشي وترشيحه ليسا سوى انعكاس للانقسامات العميقة التي تعصف باليمين الأوروبي. ففي الوقت الذي يتم فيه استبعاد بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة، كحزب “البديل من أجل ألمانيا” (Alternative für Deutschland)، من التحالفات البرلمانية الأوروبية، تسعى أحزاب أخرى، كـ”ليغا”، لاحتضان الشخصيات الأكثر تطرفًا في محاولة لتعزيز موقعها وتوسيع قاعدتها الانتخابية.

أمام هذه التحولات، يحاول اليسار الإيطالي، بقيادة ستيفانو بوناتشيني (Stefano Bonaccini) من الحزب الديمقراطي الاجتماعي (Partito Democratico)، استغلال انقسام اليمين لصالحه في المعركة الانتخابية. لكن هذه المقاربة تنطوي على تحديات جمة، فهي تعكس المعضلة الأبدية التي تواجهها الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في أوروبا: كيف يمكن التصدي لصعود اليمين المتطرف دون التفريط في مخاطبة مخاوف وقلق شرائح واسعة من الناخبين؟

في نهاية المطاف، ستكون الانتخابات الأوروبية القادمة اختبارًا حاسمًا لاستراتيجيات الأحزاب التقليدية في مواجهة تمدد اليمين وانقساماته. فهل ستنجح مساعي احتواء “اليمين الجديد” أم ستتفوق مقاربة اليسار في كسب ثقة الناخبين؟ الإجابة على هذا السؤال ستكون لها انعكاسات عميقة، ليس فقط على مستقبل إيطاليا السياسي، بل على مصير المشروع الأوروبي برمته.