مشاهدات 94
زمن القراءة:1 دقائق

تشهد الساحة السياسية الأوروبية تحولات عميقة في معسكر اليمين المتطرف، حيث برزت انقسامات حادة بين “اليمين القديم” المتشبث بالإرث النازي و”اليمين الجديد” الساعي للتقرب من الوسط المحافظ. في مقال مثير للكاتبة الألمانية ماريام لاو، المنشور في مجلة “دي تسايت” بتاريخ 8 يونيو 2023، نغوص في أعماق هذه التحولات ونستكشف تداعياتها على مستقبل السياسة الأوروبية.

استبعاد حزب “البديل من أجل ألمانيا” جرس إنذار دق في أروقة اليمين المتطرف عندما تم إقصاء حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) من مجموعة “الهوية والديمقراطية” في البرلمان الأوروبي. وراء هذه الخطوة الجريئة كانت مارين لوبان، زعيمة “التجمع الوطني” الفرنسي، التي رأت في الحزب الألماني تطرفًا مفرطًا وافتقارًا للجدية.

“اليمين القديم” vs “اليمين الجديد” في قلب هذه الانقسامات، يبرز الصراع بين جيلين متباينين داخل اليمين المتطرف. “اليمين القديم”، ممثلًا بحزب AfD، لا يزال أسيرًا لإرث النازية، يقلل من فظائع الهولوكوست وينشر الأفكار العنصرية. أما “اليمين الجديد”، بقيادة لوبان والنجمة الصاعدة جورجيا ميلوني، فيسعى لتلميع صورته والتقرب من الوسط المحافظ، طامحًا لكسب القبول السياسي الأوسع.

استراتيجيات “اليمين الجديد”:

الميتابولتيك والتكيف في استراتيجيته للهيمنة، يستوحي “اليمين الجديد” من دروس “اليمين الجديد الفرنسي” في حقبة السبعينيات. المفتاح هو السيطرة على “الميتابولتيك”، أي الهيمنة الثقافية، قبل السعي لاقتناص السلطة السياسية. هذا التيار يبتعد عن التمجيد الصريح للنازية، ويركز على قضايا الهجرة والعولمة والهوية الوطنية، ساعيًا للظهور بحلة معتدلة ومنفتحة.

الأحزاب التقليدية في مواجهة تحدٍ جديد أمام صعود “اليمين الجديد”، تجد الأحزاب التقليدية نفسها في مواجهة تحدٍ غير مسبوق. بينما يرفض اليسار أي تعاون مع اليمين المتطرف، تبدي بعض الأحزاب المحافظة انفتاحًا للحوار مع قوى اليمين التي تتبنى القيم الأوروبية وتدعم أوكرانيا. تحاول أحزاب مثل الاتحاد الديمقراطي المسيحي المناورة واستغلال هذا الانقسام، لكن هذه الاستراتيجية تنطوي على مخاطر جمة قد تعزز موقف “اليمين الجديد” في نهاية المطاف.

في هذه الساحة السياسية المتقلبة، يظل انقسام اليمين المتطرف في أوروبا قوة ديناميكية ستشكل ملامح المستقبل. فهل سينجح “اليمين الجديد” في إعادة تشكيل المعادلة السياسية، أم ستتمكن الأحزاب التقليدية من احتواء هذا المد؟ الإجابة ستتكشف في السنوات القادمة.